top of page

العقوبات على إيران من زاوية اتفاق الإطار النووي

  • نشر في جريدة الحياة
  • May 18, 2015
  • 3 min read

لا تقتصر حاجة كل فريق في المفاوضات النووية الإيرانية على الظهور بمظهر الرابح من اتفاق الإطار الذي توصلوا إليه الشهر الماضي، كي تتباين التفسيرات بينهم حول مصير العقوبات على إيران وتوقيت رفعها. فالعقوبات لا تقتصر على تلك الصادرة بقرارات مجلس الأمن الدولي فحسب، بل تشمل منظومات أخرى صادرة من دول منفردة كالولايات المتحدة أو مجموعات دولية مثل الاتحاد الأوروبي. وان كان رفع عقوبات الأمم المتحدة فوراً عند التوصل إلى اتفاق نهائي ممكناً بقرار من مجلس الأمن الدولي، فان ترجمة قرار المجلس على الصعيد الداخلي تتطلب بالنسبة إلى العقوبات ألأميركية، ليس قراراً رئاسياً تنفيذياً من إدارة الرئيس أوباما فحسب، بل أيضاً موافقة الكونغرس بعد إقرار الرئيس بأن أسباب العقوبات قد زالت. وفي ضوء القرار الأخير للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بضرورة الموافقة على أي اتفاق يتم التوصل إليه مع إيران وموافقة الرئيس على ذلك، يصبح مصير الاتفاق النهائي عملياً تحت رحمة الكونغرس الأميركي ويدخله في نفق ضبابي.

وتنبع أهمية قرارات مجلس الأمن الدولي من كونها تعكس موقف المجتمع الدولي وتلزم سائر الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. وقد أصدر المجلس ثلاثة قرارات خلال الفترة 2006-2008 (1737 و1747 و1803) فرضت عقوبات تهدف إلى وقف تطوير أسلحة الدمار الشامل وتحض إيران على اختيار مسار التفاوض بدلاً من المواجهة، اذ دعت تلك القرارات إلى تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم وتوقيع البروتوكول الإضافي للهيئة الدولية للطاقة الذرية الخاص بالضمانات للحد من الانتشار. وجمدت ممتلكات بعض الهيئات والأشخاص الإيرانيين ومنعتهم من السفر ومنعت الدول من نقل التقنية النووية وتقنية الصواريخ والسلع ذات الاستعمال المزدوج (العسكري والمدني) إليها.

وجاء القرار 1929 الصادر في 9 حزيران 2010 ليشدد العقوبات الصادرة في القرارات السابقة ويوسع نطاقها، اذ منع إيران من الاستثمار الخارجي في تعدين اليورانيوم والتقنيات ذات العلاقة بالصناعة النووية وصناعة الصواريخ الباليستية. كما دعا إلى التحفظ في التعامل مع البنوك الإيرانية بخاصة بنك «مللي» وبنك «صادرات»، والى استخدام الحذر في عمليات الإقراض والائتمان وآليات التمويل الأخرى. والى تفتيش حمولات الشحن المنقولة بواسطة شركات النقل الجوي والنقل البحري الإيرانية سواء في المياه الإقليمية أو الدولية.

شكلت القرارات الدولية، بخاصة القرار 1929، نقطة تحول في مسار العقوبات التي اقتصرت في المراحل السابقة على العقوبات الأميركية التي تعود بدايتها إلى انطلاق الثورة الإيرانية عام 1979 وأزمة رهائن السفارة الأميركية في طهران. وشهدت العقوبات تطوراً في أهدافها منذ ذلك الحين حيث انصبت خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي على إلزام إيران بوقف دعم الإرهاب. إذ تضمنت قيوداً على مبيعات السلع الأميركية ذات الاستخدام المزدوج وأوقفت المساعدات الأميركية المباشرة ومبيعات الأسلحة، وألزمت أميركا بالتصويت ضد المساعدات المتعددة الطرف، وحجبت المساعدات الأميركية عن الموردين والمنظمات الداعمة لإيران. ويذكر أن إيران كانت وضعت على لائحة الدول الداعمة للإرهاب عام 1984 عقب الهجوم الانتحاري على قاعدة المارينز في بيروت عام 1983 الذي نفذته كوادر من حزب الله اللبناني. كما تم تشديد العقوبات بتجميد الموجودات الإيرانية في الولايات المتحدة بعد الهجوم على المركز التجاري العالمي في نيويورك عام 2001، وتوسعتها عام 2007 بسبب تدخل إيران في العراق بدعم الميليشيات الشيعية وتسليحها وفي عام 2011 لتدخلها في سورية.

يذكر أن العقوبات ذات العلاقة بالإرهاب لا يشملها اتفاق الإطار. كذلك العقوبات التجارية والاستثمارية التي فرضت على إيران عام 1995 في عهد الرئيس بيل كلينتون والتي منعت الشركات الأميركية من التعامل مع النفط الإيراني. كما منعتها من تصدير سلع ومنتجات إلى دولة ثالثة تنوي إعادة تصديرها أو إدراجها في منتجات وجهتها إيران. ومنعت نقل البضائع من خلال الأجواء أو الأراضي الإيرانية أو قيام أشخاص أميركيين بدور الوسيط في أي عمليات تجارية تكون إيران طرفاً فيها. وقد تم لاحقاً عام 2011 توسيع هذه العقوبات وتشديدها حيث أصبحت تشمل الفروع الأجنبية للشركات الأميركية وتلك التي تفوق نسبة تملكها فيها 50 في المئة. وعام 2010 توسعت العقوبات الأميركية لتشمل البنوك الأجنبية التي تتعامل مع بنوك إيرانية تطاولها العقوبات. ومن المهم ملاحظة أن على رئيس الجمهورية، كي ترفع هذه العقوبات، أن يؤكد للكونغرس أن إيران تخلت عن دعم الإرهاب وتوقفت عن السعي لاستحواذ الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية والصواريخ البالستية والتقنيات ذات العلاقة.

انضمت أوروبا إلى منظومة العقوبات بعد أن تبين عام 2002 أن إيران تسعى الى تطوير قدراتها في تخصيب اليورانيوم. وهي قبل ذلك لم تشارك وبقية دول العالم موقف الولايات المتحدة. ومنذ قرار مجلس الأمن 1929 في 2010 أصبحت عقوبات الاتحاد الأوروبي توازي، سواء بشموليتها أو حدتها، العقوبات الأميركية.

كاتب متخصص بشؤون الطاقة والتنمية.

Comments


bottom of page