التعليم والمستقبل الاقتصادي للشباب العربي
- نشر في جريدة الحياة
- Apr 25, 2014
- 3 min read

صدر في شباط (فبراير) الماضي عن مركز التعليم العالمي التابع لـ «معهد بروكنغز» تقرير عنوانه: «الشباب العربي: هل يفتقد الأسس التعليمية التي تكفل له حياة منتجة؟»، وشارك في إعداده كل من ليزبيت ستير وحافظ غانم وميسا جلبوط. وجاء ضمن استنتاجاته الرئيسية، أن المؤكد هو الحاجة الأساسية إلى الاهتمام برفاهية الشباب ووضعهم الاقتصادي من أجل بناء الأساس لاستقرار سياسي مستدام، على رغم الكثير من الضبابية التي تشوب توقعات ما ستؤول إليه الاضطرابات الأمنية في المنطقة العربية. ولاحظ التقرير أيضاً أن معظم الحكومات العربية ركز حتى الآن على سياسات تعزيز الطلب على اليد العاملة التي من بينها توفير المناخ الملائم للاستثمار، لكنها أعطت أهمية أقل لجانب العرض، المتمثل بضمان حصول الشباب على المهارات الضرورية للمنافسة في سوق العمل. وأكد بالتالي على أن من الأمور المصيرية الآن أكثر من أي وقت مضى، أن يوفر الدعم للجهود الجارية للمربين العرب، هؤلاء الناشطين والمبتكرين في توفير التعليم لأطفال المنطقة وشبابها، نظراً إلى أن توفير الاستثمارات الذكية والمتنامية، ومن ضمنها تلك المركزة على أطفال مناطق الصراع، سيكون له فوائد مستقبلية كبيرة.
كما تناول التقرير إنجازات نظم التعليم العربية في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، والتحديات التي رافقتها خلال الفترة العشرية 2002-2012. وقبل استعراض بعض تلك الإنجازات والتحديات، يجدر توضيح ما لفت إليه التقرير من واقع التباين الكبير بين الدول العربية، سواء في مستويات التنمية أو في توافر البيانات والإحصاءات. إذ لا بد من مراعاة تلك المعطيات عند النظر إلى بعض ما استعرضه التقرير من مخرجات نظم التعليم أو ما توصل إليه من استنتاجات. فبينما انخفض عدد الأطفال خارج المدرسة بنحو 3,1 مليون منذ عام 2002، لا يزال هناك 8,5 ملايين طفل خارجها، أكثرهم من الإناث في المناطق الريفية، غالبيتهم تقيم في المناطق المتأثرة بالنزاعات المسلحة. كما ارتفعت نسبة التلاميذ الذين يكملون المرحلة الابتدائية، لكن نسبة الذين يكملون المرحلة المتوسطة شهدت انخفاضاً في عدد من الدول.
واستناداً إلى نتائج اختبارات تقويم مخرجات التعليم في 13 دولة عربية، يتضح أن المنطقة تعاني أزمة تعليمية كبيرة، إذ بلغ متوسط نسبة التلاميذ الذين يذهبون إلى المدرسة ولكن «لا يتعلمون» 65 في المئة للمرحلة الابتدائية و48 للمرحلة المتوسطة. علماً أن التباين في هذا المؤشر بين الدول المختلفة واسع جداً. وفي حين أن احتمال عدم دخول المدرسة هو أعلى عند الفتيات منه عند الفتيان، فان العكس صحيح في ما يخص إنهاء المرحلة الابتدائية ودخول المرحلة المتوسطة. كما أن أداء الفتيات في التعلم هو أفضل من أداء الفتيان. لكن لا يزال احتمال حصول الشابات على عمل أقل كثيراً منه عند الشباب.
وأظهر التقرير فجوات واسعة في بيانات التعليم بين الدول العربية، حيث قلة منهم تقيس بانتظام المهارات اللغوية والحسابية في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. وإذ يربط بين النقص في مهارات التعليم الأساسية وأزمة البطالة في المنطقة، يستدرك بأن هناك حاجة لفهم الأسباب المختلفة وراء انخراط الفتيان والفتيات في نظام التعليم ومساهمتهم في سوق العمل. ويذهب إلى وصف التحديات أعلاه بأنها معالم أزمة من الوزن الثقيل، تستدعي اتخاذ إجراءات ملحة نحو تحسين المهارات التعليمية لأطفال المنطقة وشبابها لتمكينهم من التقدم في المدرسة والحصول على عمل لائق. وهذا يتطلب معالجة عدد من القضايا المتشابكة والمعقدة التي تعتري نظام التعليم العربي.
إلى ذلك، يدعو إلى الاستثمار في التعليم المبكر نظراً إلى أهميته في تحديد مستقبل الدول. فكلما كان الاستثمار أبكر كلما كان العائد الاقتصادي أعلى. كما يرى أهمية معالجة العجز في طاقم التعليم ونوعيته، إذ يشير، استناداً إلى مصادر الـ «يونيسكو»، إلى أن المنطقة العربية تأتي في المرتبة الثانية بعد أفريقيا (جنوب الصحراء) بالنسبة للعجز في طاقم التعليم. إذ يحتاج العالم العربي إلى إضافة نصف مليون، فضلاً عن استبدال 1,4 مليون مدرس ومدرسة كي يتمكن من تحقيق هدف التعليم الشامل قبل عام 2030. أما بالنسبة لتحسين نوعية التعليم، فيرى التقرير أهمية مساهمة القطاع الخاص في إطار شراكة بينه وبين القطاع العام ومؤسسات التعليم، حيث أن هؤلاء الأطفال والشباب يشكلون المخزون المستقبلي للقوى العاملة لديه. كما يرى أهمية الشراكة والتعاون بين دول المنطقة في هذا المجال.
أخيراً، يؤكد التقرير أهمية أن تأخذ الحلول بالاعتبار أطفال الدول المتأثرة بالاضطرابات والنزاعات المسلحة وشبابها، حيث كان هناك نحو أربعة ملايين طفل خارج المدارس الابتدائية في هذه الدول قبل بدء النزاع في سورية. ومع إضافة مئات الآلاف من الأطفال السوريين الذين هم خارج المدارس، يصبح الوضع مثابة أكبر أزمة تعليمية يواجهها العالم العربي في تاريخه. ولا بد إذاً أن يشكل التعليم جزءاً أساساً من برامج الدعم والمساعدة ومبادراتهما التي يتم توفيرها لهذه الدول.






Comments