top of page

مطالعة علمية في قانون تنظيم طائفة الموحدين الدروز

  • Khalil Zahr
  • Apr 6, 2012
  • 15 min read

تم اعداد هذه المطالعة في شهر نيسان عام 2012، ولم أتمكن من نشرها في الصحافة اللبنانية لأسباب مجهولة آنذاك وأعتقد اصبحت واضحة. لذلك قررت نشرها في هذه المدونة بسبب ايماني ان الصحيح لا يقوم على خطأ

د/خليل زهر

مقدمة

وافق مجلس النواب اللبناني في جلسته المنعقدة يوم الخميس الواقع في 4/5/2006 على مشروع قانون تنظيم طائفة الموحدين الدروز، بدون تعديل، بعد أن رده رئيس الجمهورية إلى المجلس. و بالتالي سيصبح القانون نافذا بعد شهر من تاريخ موافقة المجلس. و قد أثار هذا القانون، و لا يزال، جدلا حادا، خاصة داخل الطائفة وسط تجاذب سياسي يعكس إلى حد كبير المشهد اللبناني المتأزم حاليا. الأمر الذي أدى إلى إقصاء النقاش عن الموضوعية المتمثلة بمقاربة عملية تقييم هذا القانون بمدى كفاءته و فعاليته في خدمة المصلحة العامة للطائفة و المساهمة في تحقيق غاياتها الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية، و ليس من منطلق المصالح الخاصة سواء السياسية أو الشخصية التي تطغى على الجدل القائم.

و من منطلق الحرص على تصويب هذا النقاش، فقد تم دراسة القانون و تقييمه على أسس موضوعية، قد تسهم ايجابيا في تطوير آليات التنفيذ و تشكل أساسا لخطوة تطويرية لهذا القانون في المستقبل. و نستعرض في هذه المطالعة أهم نتائجها

ليس من المبالغة القول أن أبناء الطائفة بجميع شرائحهم، يتطلعون منذ سنوات عديدة إلى قانون عصري لتنظيم شؤون طائفتهم و تعزيز مؤسساتها. و في هذا الإطار، قد يتمثل الحد الأدنى من تلك التطلعات بقانون يتسم بالفعالية في تحقيق مجمل من الأهداف أهمها

أولا: إنشاء مجلس تمثيلي يسهر على شؤون الطائفة، يضع الأهداف و السياسات التطويرية، و ينشىء المؤسسات و يعتمد البرامج لتحقيق تلك الأهداف، و يراقب عمل المؤسسات، و يشرف على إدارة الموارد العامة، و غيرها من المهام

ثانيا: تكريس وحدة مشيخة العقل في القانون اللبناني و تحديد المؤهلات المطلوبة لها

ثالثا: تعزيز دور مشيخة العقل و إمكانياتها بما ينسجم مع مكانتها كرمز لوحدة الطائفة و في ضوء مهامها المتعددة و دورها كممثل لطائفة الموحدين الدروز في عائلتها الإسلامية و في العائلات الدينية اللبنانية

رابعا: إعادة هيكلة الأوقاف في إطار مؤسسي رشيد يتسم بالشفافية و الفعالية

خامسا: ترشيد الوضع المؤسسي و الإداري لكافة المرافق و المراكز و المؤسسات و الجمعيات المذهبية، نحو تعزيز قدراتها و تحسين كفاءتها

سادسا: دعم عملية التنمية الإنسانية لأبناء الطائفة

سابعا: تعزيز التواصل مع أبناء الطائفة في بلدان الانتشار

إلى أي مدى يستجيب القانون العتيد إلى تلك الأهداف؟ و ما هي نقاط القوة و نقاط الضعف فيه؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في الأجزاء التالية بموضوعية و بمنأى عن أي جدل قائم حوله

جاء القانون في خمسة و خمسين (55) مادة موزعة على سبعة (7) فصول في بابين

الباب الأول

الفصل الأول: استقلال طائفة الموحدين الدروز بشؤونها الخاصة

  1. تناولت المادة الأولى موضوع استقلال الطائفة، مثلها مثل شقيقاتها الطوائف اللبنانية الأخرى، في شؤونها الدينية و أوقافها و تشريع أنظمتها و إدارة مؤسساتها، و ذلك بواسطة ممثلين من أبنائها من ذوي الكفاءة.

ملاحظات

تعتبر هذه المادة مادة أساسية في تأكيدها مبدأ الاستقلال و تحديدها مبدأ التمثيل، و مرجعية بكونها معيارا للحكم على مدى انسجام مواد القانون الأخرى مع هاذين المبدأين

  1. أما المادة الثانية فإنها توحد مشيخة العقل في شيخ عقل واحد

ملاحظات

تلبي هذه المادة رغبة أبناء الطائفة و تحقق واحدا من الأهداف المهمة المشار إليها أعلاه، كما أنها تشترط ضمنا من شيخ العقل نهجا يعزز هذه الوحدة

الفصل الثاني: دور شيخ العقل و صلاحياته
  1. نصت المادة الرابعة على أن شيخ العقل يمثل الطائفة في" الأمور الدينية لدى السلطات العامة و الطوائف الأخرى" ، كما "يتولى رعاية شؤونها الروحية و مصالحها الدينية و الاجتماعية". و لهذه الأغراض أجازت له أن "يستعين بهيئة دينية استشارية، تتكون من ستة مشايخ الدين المعروفين بعلمهم الديني ..."

ملاحظات

إن الدور المهم الذي تعطيه هذه المادة لشيخ العقل والمهام المتنوعة التي تلقيها على عاتقه، يجعل من توفير هيئة استشارية من أصحاب الدراية لمساعدته على القيام في تلك المهام أمرا مهما. غير أن اقتصار أعضاء هذه الهيئة على مستشارين في الشؤون الدينية لا ينسجم مع ما تتطلبه المهام و الصلاحيات من معارف متخصصة تتعدى المجالات الدينية. لذا قد يكون من الأفضل أن تتشكل الهيئة من استشاريين في المجالات، ذات الصلة، التالية: الشؤون الدينية، و الشؤون الإعلامية و العلاقات العامة ،و الشؤون المالية و الإدارية، و الشؤون الثقافية و التعليم، والشؤون الاجتماعية

الباب الثاني

الفصل الأول: إنشاء المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز
  1. تنص المادة السابعة على إنشاء مجلس يسمى "المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز"، و يتولى" إدارة شؤون الطائفة الزمنية و الاجتماعية و المالية و مصالحها الدينية، و تمثيلها في الشؤون العائدة لمهامه و السهر على رفع مستواها و المحافظة على حقوقها". (التسطير للكاتب).

ملاحظات

يمثل إنشاء مجلس للطائفة يسهر على مصالحها ويعتني بشؤونها تطورا مؤسسيا مهما طال انتظاره. إلا أن الجمع في صلاحياته بين المهام الإدارية و هي مهام تنفيذية، من جهة، و مهام التمثيل، و هي مهام تشريعية و تنظيمية و إشرافية، من جهة أخرى، يخالف مبدأ فصل السلطات و هو من أهم مبادئ النظم المؤسسية الحديثة. إذ لا يجوز أن تكون الجهة المشرفة و المنظمة هي ذات الجهة المنفذة، و إلا كان تناقض المصالح و تدني كفاءة الأداء أسياد الموقف، و ذلك بغض النظر عن كفاءة أعضاء المجلس و عصاميتهم

  1. حددت المادة التاسعة أسس و قواعد تداول الأصول المنقولة و غير المنقولة للأوقاف، و من أهم ما جاء فيها أنه لا يجوز بيع أو شراء أو رهن جميع أو بعض الأوقاف العائدة للطائفة أو إيجاد حق عيني عليها. أما الاستبدال أو التغيير فيخضع لموافقة المجلس المسبقة بأكثرية ثلاثة أرباع مجموع أعضائه الحاضرين، على أن يكون النصاب القانوني ثلاثة أرباع الأعضاء في الدورة الأولى و ثلثي الأعضاء في الدورات التالية. أما بالنسبة للاستثمار، فانه يتطلب موافقة المجلس المسبقة بأكثرية ثلاثة أرباع مجموع أعضائه الحاضرين، على أن يكون النصاب القانوني ثلثي المجلس في الدورة الأولى و الأكثرية المطلقة في الدورات التالية.

كما نصت هذه المادة في فقرتها الثانية على أنه "لا يجوز في مطلق الأحوال إجراء أي عقد على أموال الأوقاف مهما كانت صفة هذا العقد يكون طرفه الآخر مباشرة أو مداورة أحد أعضاء لجنة الأوقاف أو أحد موظفيها أو أي شخص آخر ينتمي إلى هيئة تمارس سلطة الوصاية عليها، بما في ذلك أعضاء المجلس المذهبي. و ينطبق هذا الحظر أيضا على زوج كل من الأشخاص المذكورين في هذه المادة و على أصوله و فروعه"

ملاحظات

  • لقد آثرنا عرض معظم ما جاء في هذه المادة نظرا لأهميتها في ضمان الإدارة الرشيدة للأوقاف و حمايتها من التصرفات المضرة بالمصلحة العامة. و لا بد في هذا السياق من التنويه و الإشادة بحكمة المشرع في حرصه على توفير مستلزمات ذلك. حيث اشترطت المادة توفر الأكثرية العظمى لاتخاذ القرارات الأساسية و وفرت القدرة على تعطيل القرار لأقلية الربع في الدورة ألأولى و الثلث في الدورات اللاحقة. كما حرصت المادة على حماية الأوقاف من المطامع الشخصية و تناقضها الطبيعي مع المصلحة العامة

  • لا تبدو الغاية من عدم إجازة الشراء واضحة، إذ قد تبرز الحاجة في إطار تطوير أو توسعة مرفق معين من مرافق الأوقاف، إلى شراء عقار أو مرفق مجاور أو مكمل للمرفق قيد التطوير. و بالتالي لا نرى ضررا في إجازة شراء مرافق و عقارات خاصة لمثل هذه الأغراض

  1. تلقي المادة العاشرة على عاتق المجلس مسؤولية الاهتمام بشؤون أبناء الطائفة و بالمدارس و الجامعات و الجمعيات التابعة لها، و تعطيه صلاحية إقرار المبالغ اللازمة لسد عجز موازناتها من موارد الأوقاف ، أو من أموال المؤسسات و الجمعيات التابعة له...الخ

:ملاحظات

تفتقر هذه المادة إلى آلية واضحة تضمن كفاءة و حسن استعمال موارد الأوقاف

الأخرى المتاحة عند استخدامها للأغراض المذكورة أعلاه، إذ لا بد من آلية فعالة لتنظيم عملية الدعم و المساعدة تسهم في تحقيق الغايات المهمة التي تستهدفها.

الفصل الثاني: انتخاب المجلس المذهبي
  1. توزع المادة الثانية عشرة أعضاء المجلس المذهبي إلى فئتين رئيسيتين

الأعضاء الدائمون و هم: شيخ العقل، و الوزراء الحاليون و النواب الحاليون و السابقون، و جميع قضاة المذهب الدرزي الحاليون بكافة درجاتهم، و العضوان الدرزيان اللذان يشغلان عضوية المجلس الدستوري و عضوية مجلس القضاء الأعلى.

و الأعضاء المنتخبون، و يتوزعون إلى ثلاثة مجموعات كما يلي:

:أ) أصحاب الشهادات الجامعية و المهن الحرة وهم

ثلاثة محامين، وثلاثة مهندسين، ثلاثة أطباء صحة، و طبيب أسنان واحد، و صيدلي واحد، و اثنان من خبراء المحاسبة، و ثلاثة من حاملي الشهادات الجامعية من غير الفئات المبينة آنفا، وثلاثة من أساتذة الجامعات من حملة شهادة الدكتوراه.و يتم انتخاب كل فئة من قبل زملائهم في النقابات أو الأفراد المنتمين للفئة.

:ب)الأعضاء الممثلون للمناطق كما يلي

  • ثمانية أعضاء عن كل من قضاء الشوف و قضاء عاليه ، و خمسة أعضاء عن كل من قضاء بعبدا و قضاء حاصبيا وقضاء راشيا، و عضوان عن محافظة بيروت و باقي المناطق و يتم انتخاب ممثلي المناطق من قبل رؤساء البلديات و أعضاء المجالس البلدية و المخاتير و أعضاء المجالس الاختيارية الدروز كل في منطقته

:ج) الهيئة الدينية، و تتألف من ممثلين عن المناطق وفق التوزيع التالي

  • أربعة أعضاء عن كل من قضاء الشوف و قضاء عاليه، و عضوان عن كل من قضاء بعبدا و قضاء حاصبيا و قضاء راشيا، و عضو واحد عن محافظة بيروت، و عضو واحد عن بقية المناطق الأخرى. و يتم انتخاب الهيئة الدينية من قبل المسئولين في الخلوات العامة و السائسين في المجالس الدينية.

:ملاحظات

  • إن شمول المجلس لفئة من الأعضاء الدائمين، يطرح عددا من الإشكاليات الموضوعية، من بينها

  • إن تبويب أعضاء المجلس الواحد في صنفين، و بغض النظر عن وجاهة المبررات، هي بدعة ندر مثيلها في النماذج المؤسسية و الإدارية العصرية، كما أنها لن تسهم في تعزيز أداء المجلس أو تحسين كفاءته، بل قد تؤدي إلى عكس ذلك تماما

  • إن أصحاب السعادة النواب الدروز هم مبدئيا و عمليا ممثلين للشعب اللبناني بكافة أطيافه في دوائرهم الانتخابية، و بالتالي لا يمثلون الموحدين الدروز حصرا ما لم يقتصر انتخابهم على أبناء الطائفة، و هذا ليس ما هو عليه الأمر في النظام اللبناني. فقد يصل مرشح درزي إلى الندوة النيابية بأغلبية غير درزية، عندها لن يكون ممثلا تلقائيا لأبناء الطائفة انطلاقا من ما نصت عليه المادة الأولى من هذا القانون بشأن استقلال الطائفة في إدارة شؤونها

  • لو سلمنا بأن احتمال توفر التمثيل الدرزي الصحيح في النائب الحالي عالية نسبيا، فماذا عن النواب السابقين؟ ألا زالوا يتمتعون بصحة التمثيل؟

  • أما بالنسبة لمعالي الوزراء فهم وزراء لكل لبنان و يتم تعيينهم بناء لعدة اعتبارات غير اعتبار انتمائهم أو مدى تمثيلهم. و قد يحدث أن يأتي وزيرا درزيا عنوة عن إرادة أكثرية أبناء الطائفة، فيكون فاقدا لصفة التمثيل

  • إن ذات العوامل المشار إليها تنطبق على سعادة القضاة، هذا بالإضافة إلى أنه نظرا لأن القانون قد اعتبر محكمة الاستئناف المذهبية الدرزية العليا جهة الاستئناف للقرارات القانونية الصادرة عن المجلس المذهبي، فان وجود قضاة هذه المحكمة بين أعضاء المجلس يمثل مخالفة صريحة لمبدأ فصل السلطات

  • إن تخصيص حصة (كوتا) في عضوية المجلس المذهبي لأصحاب الشهادات الجامعية و المهن الحرة هو أمر مبرر. إلا أن محاولة توزيع هذه الحصة على تخصصات و مهن فرعية تطرح عدة تساؤلات منها

  • إلى أي مدى تتسق الحصص الفرعية المحددة للتخصصات و المهن الحرة، مع نسبة هؤلاء في إجمالي هذه الفئة من أبناء الطائفة. مثلا: هل يعني تخصيص ثلاثة مقاعد لكل من المحامين و المهندسين و الأطباء، أن أعداد هؤلاء متساوية تقريبا؟ وهل إعطاء الصيادلة مقعدا واحدا يعني أن عدد الصيادلة هو ثلث عدد لأطباء؟

  • ماذا عن الفئات الفرعية التي لم تعطى أي حصة؟ منها على سبيل المثال: الصحفيون و المحررون، خبراء المعلوماتية، خبراء الإدارة، خبراء الاستثمار، وغيرهم. ألا يستحق هؤلاء و أمثالهم التمثيل في المجلس؟

  • إن كان الهدف من تحديد فئات معينة هو لضمان توفير كفاءات مطلوبة لمهام المجلس، فان هذا المبرر يفتقر إلى حجة مقنعة، لأن الطبيب مثلا ليس بالضرورة خبير في الشؤون الصحية، و لا المهندس خبير في التنظيم المدني ما لم يكن التخصص في المجال.

  • لماذا التمييز بين الأساتذة من حملة الدكتوراه على أساس الجهة التي يعملون لديها؟ و لماذا اقتصار ذلك على أساتذة التعليم الجامعي؟ ماذا عن الأساتذة من حملة الدكتوراه الذين يدرسون في جهات أخرى، أيعتبر هؤلاء أقل مكانة و أنقص حقا من غيرهم؟

  • من جهة أخرى، فان القاعدة الانتخابية لتلك الفئات الفرعية المتمثلة في الأفراد الدروز أعضاء النقابات أو الفئات ذات الصلة، هي قواعد انتخابية ضيقة جدا،هذا بالإضافة إلى أن الهدف ليس تمثيل الفئات المهنية في المجلس إذ ليس لتلك الفئات مصالح خاصة تجاه الطائفة، بل الهدف أن يعكس التمثيل في المجلس كافة أطياف المجتمع الدرزي

  • لذا قد يكون من الأفضل أن يتم تحديد الحصة الإجمالية لفئة أصحاب الشهادات الجامعية و المهن الحرة كفئة واحدة ، و من ثم انتخابهم من عامة أبناء الطائفة حسب الأقضية. عندها سيأتي التوزيع بين الفئات الفرعية منسجما مع أحجامها بفعل ما يعرف بقانون المتوسطاتThe Law of Averages بدون الحاجة إلى الدخول في تعقيدات مجحفة بحق البعض و مخلة بالتمثيل الصحيح

  • بالنسبة لفئة الأعضاء الممثلين للمناطق، فان التوزيع المعتمد يبدو منطقيا. إلا أن الهيئة الانتخابية المتمثلة بأعضاء المجالس البلدية و المجالس الاختيارية و المخاتير لا تمثل بالضرورة القاعدة الدرزية نظرا لأن جميع هؤلاء لا يتم انتخابهم من قبل أبناء الطائفة حصرا، بل من قبل المجتمع اللبناني عامة، مثالهم في ذلك مثال نواب الأمة من الدروز. و بالتالي فان اعتماد هذه الهيئة الانتخابية يتعارض مع مبدأ استقلال الطائفة في إدارة شؤونها، حيث يجدر صيانة هذا المبدأ، ليس في الشكل فحسب، بل في المضمون أيضا. و هنا أيضا لا نرى مبررا مقنعا لعدم انتخاب هذه الفئة، مع الفئات الأخرى من قبل جميع أفراد الطائفة

  • بالنسبة للفئة الخاصة برجال الدين فان انتخابها على أساس المناطق يبدو موضوعيا، إلا أن المأخذ الأساسي على ما جاء في هذه المادة يتعلق بالهيئة الناخبة و التي تقتصر على مسئولي الخلوات العامة و ساسة المجالس. و هذه قاعدة ضيقة عرضة للتغير حيث لا يوجد تنظيما، على حد ما نعلم، ينظم استحداث مجالس جديدة. هذا علاوة على تباين أحجام (عدد المشايخ المنتمين) المجالس القائمة، الأمر الذي يضعف صحة التمثيل تحت الترتيب المقترح. قد يكون من الأفضل، أن يجري اختيار المرشحين من قبل أعضاء الهيئة الدينية وفق نظام الشورى العرفي، على أن يتم انتخاب أعضاء هذه الفئة، من بين من يتم ترشيحهم، من قبل جميع أفراد الطائفة في الدائرة الانتخابية

  1. حددت المادة الثالثة عشرة الشروط التي يجب توفرها في الناخب و هي أن يكون درزيا لبنانيا متمتعا بحقوقه المدنية و بلغ الواحدة و العشرين من عمره

ملاحظات

  • لا توضح هذه المادة، مثالها مثال غيرها من مواد هذا القانون وضع الإناث من أفراد الطائفة، سواء بالنسبة لحقهن بالانتخاب أو الترشح لعضوية المجلس أو مشاركتهن في إدارة مؤسسات الطائفة الأخرى. فان حرمان المرأة من هذا الحق الإنساني الأساسي لا ينسجم قطعيا مع القيم الإنسانية للطائفة و لا مع تراثها العقلاني وأحكامها المدنية الرشيدة

  • إن تحديد سن الناخب فوق سن الثامنة عشرة يتعارض مع الممارسات الديمقراطية الشائعة في الدول المتقدمة، و حري بهذه الطائفة أن تكون منسجمة مع مبادئها و تراثها. و إلا كيف يسمح لمن في سن الثامنة عشرة أن ينظم إلى مجالس التوحيد، و يحرم من حقه في الانتخاب؟

  1. تناولت المادة الرابعة عشرة الشروط التي يجب توفرها في المنتخب و هي: أن يكون درزيا لبنانيا متمتعا بحقوقه المدنية، و بلغ السابعة و العشرين من عمره. كما على المنتخب أن لا يكون موظفا أو مستخدما في الدولة و البلديات باستثناء قضاة المذهب الدرزي و المجلس الدستوري و مجلس القضاء الأعلى الدروز

ملاحظات

  • إن استثناء موظفي و مستخدمي القطاع العام، يفتقر إلى المبررات الموضوعية و يحرم شريحة كبيرة من أبناء الطائفة من حق و شرف تمثيل الطائفة. فما هو التأثير السلبي من كون عضو المجلس موظفا في الدولة؟ فليس هناك من تناقض في المصالح

  1. حددت المادة الخامسة عشرة ولاية المجلس المذهبي بست سنوات.

ملاحظات

نظرا لأن الممارسات العالمية تعتمد فترة ولاية مدتها أربع سنوات لمجالسها التمثيلية، فالأفضل أن تكون ولاية المجلس منسجمة مع الممارسات العصرية

تحدد المادة الثانية و العشرون الفائز في الانتخابات من يحصل على أكثرية الأصوات من مجموع أصوات الناخبين في الفئة المعينة، و عند تعادل الأصوات يكون الفائز الأكبر سنا و في حال تساوي السن يتم اللجوء إلى القرعة

ملاحظات

لا توضح هذه المادة ما يجب عمله في حال و جود أكثر من مرشحين اثنين و لم يحصل أي منهم على أكثرية أصوات الناخبين. فالمعتمد في هذه الحالة هو إجراء دورة ثانية يتنافس فيها الاثنان اللذان حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الدورة الأولى

  1. تحدد المادة الرابعة و العشرون الحالات التي يعتبر العضو المنتخب منفصلا عن المجلس و هي: الاستقالة، أو في حال تغيبه عن ثلاثة جلسات متتالية و ثلاث أخرى بعد التنبيه الخطي و لم يبد عذرا مشروعا أو إذا قرر المجلس إقالته بالأكثرية المطلقة لمجموع أعضاء المجلس بناء على اقتراح يصدر عن ثلث الأعضا

ملاحظات

  • يفضل بالنسبة للحالة الثانية أن يتم تحديد الأعذار المشروعة للتغيب و عدم تركها للاستنساب

  • إذا كان المقصود بالأكثرية المطلقة هو ما زاد عن خمسين بالمئة من أعضاء المجلس، يمكن عندها لأكثرية في المجلس أن تتخلص من الأقلية إن شاءت، و هذا غير معقول تشريعه. فالمطلوب هنا هو أكثرية ثلثي أعضاء المجلس كحد أدنى

  1. تحدد المادة الخامسة و العشرون آلية التعامل مع حالات الشغور في مقاعد المجلس، حيث تنص على ضرورة إجراء انتخابات تكميلية خلال فترة ستين يوما في حال شغر عدد مراكز أي فئة بما يزيد عن الثلثين. كما نصت على اعتبار المجلس منحلا في حال شغور نصف مقاعده حيث يدعى إلى انتخابات جديدة

ملاحظات

سيترتب عن شرط إجراء انتخابات تكميلية فقط عند شغور ثلثي مقاعد أي فئة، أن يكون احتمال اكتمال المجلس ضعيف جدا. و على افتراض وصول إجمالي الشواغر إلى دون ثلثي مقاعد المجلس، كيف يمكن تحقيق النصاب القانوني الذي تتطلبه بعض مواد هذا القانون؟

  1. تحدد المادة التاسعة و العشرون الشروط التي يجب توفرها في المرشح لمنصب شيخ العقل و هي: أن يكون لبنانيا من طائفة الموحدين الدروز و أتم الأربعين من عمره، و أن يكون ممارسا الواجبات الدينية التوحيدية، و أن يكون من ذوي العلم و الثقافة الروحية...الخ.

ملاحظات

نظرا لتعدد مهام شيخ العقل ومسؤولياته التي تشمل تمثيل الطائفة في فعاليات مذهبية و دينية على الصعيد الوطني و الإقليمي و حتى العالمي، مع ما يتطلبه ذلك من مستوى علمي و معرفي لا يقتصر على الجانب الديني فحسب، فقد يكون من الحكمة أن يشترط بأن يكون المرشح حاصل على التعليم العالي.

  1. تحدد المادة الثلاثون مدة ولاية شيخ العقل بخمسة عشرة سنة قابلة للتجديد بقرار من المجلس المذهبي بأكثرية أعضائه. كما تحدد الأسباب الموجبة لإعفائه من منصبه. و في حال عدم اعتزاله طوعا يتم الإعفاء بقرار من الهيئة العامة للمجلس المذهبي بأكثرية ثلثي أعضاء المجلس بناء على اقتراح ربع الأعضاء.

ملاحظات

قد يكون من الأنسب نحو تعزيز وحدة الطائفة حول غاياتها و مصالحها العليا جعل التجديد لولاية شيخ العقل مشروطا بتوفر أكثرية الثلثين من أعضاء المجلس. كما يقترح، في ضوء وحدة مشيخة العقل التي يشرعها هذا القانون و لأجل تعزيز هذا التوجه المحمود، أن يشترط على من يملا هذا المقام أن ينأى بنفسه عن السياسة.

  1. تحدد المادة الثانية و الثلاثون آلية الترشيح لمنصب شيخ العقل بموجب كتاب خطي موقعا عليه من قبل عشرة أعضاء من المجلس المذهبي، على أن يكون ثلث هؤلاء من أعضاء الهيئة الدينية في المجلس.

ملاحظات

تفتقر هذه المادة إلى بعض الدقة المطلوبة، فماذا سيكون الأمر عليه في حال زاد عدد الموقعين عن العشرة؟هل يجب عندها أن يكون عدد أعضاء الهيئة الدينية فيهم الثلث؟ قد يكون من الأفضل أن تنص المادة على وجوب توقيع عشرة أعضاء "على الأقل" من بينهم أربعة (أو ثلاثة) "على الأقل" من أعضاء الهيئة الدينية.

  1. أما المادة الرابعة و الثلاثون فتنص على أن تتألف الهيئة الناخبة لمنصب شيخ العقل من أعضاء المجلس المذهبي الذي يجتمع برئاسة أكبر أعضائه سنا أو من يليه. و يعتبر فائزا من ينال أكثرية أصوات الحاضرين و عند تساوي الأصوات يعتبر فائزا الأكبر سنا، و عند تساوي السن يتم اللجوء إلى القرعة

ملاحظات

  • نظرا لاحتمال عدم حضور أكبر أعضاء المجلس سنا جلسة الانتخاب، فانه من اللازم أن تنص المادة على أن يرأس الجلسة أكبر الأعضاء سنا أو من يليه من الأعضاء الحاضرين

  • كما أن هذه المادة لا تغطي الحالة المحتملة و المتمثلة بوجود أكثر من مرشحين اثنين و لا يحصل أي منهم على أكثرية الحاضرين. حيث يستوجب الأمر عندئذ إجراء جولة انتخابية ثانية بين المرشحين الاثنين اللذين حازا على أعلى نسبة من الأصوات في الجولة الأولى. و تنطبق هذه الملاحظة على كافة العمليات الانتخابية في هذا القانون

الفصل الرابع: إدارة المجلس المذهبي
  1. حددت المادة الأربعون مهام و صلاحيات لجان المجلس المذهبي على الشكل التالي:

  2. اللجنة الإدارية: تعنى بالإشراف على الشؤون الإدارية و التنظيمية، و إعداد مشاريع إعادة النظر في بالملاكات الإدارية، و بوضع الخطط و البرامج و الدراسات المتعلقة بعمل المجلس و لها كافة الصلاحيات الممنوحة لمجلس الخدمة المدنية.

  3. اللجنة المالية: تعنى بالإشراف على الشؤون المالية ووضع الدراسات و البرامج الاستثمارية و مراقبة جناية أموال الأوقاف و إنفاقها، و مراجعة موازنة كل من مشيخة العقل و المجلس المذهبي و لجنة الأوقاف.

  4. اللجنة الثقافية: تعنى بالإشراف على الشؤون الثقافية و التربوية، و ترعى شؤون المدارس و الجامعات التابعة للطائفة.

  5. اللجنة الدينية: تعنى بشؤون الدراسات الدينية و التعليم في المؤسسات التربوية الخاصة و الرسمية، و بجمع التراث الديني، و بإنتاج كتب التربية التوحيدية ، و إعداد برامج التعليم الديني، و بمراقبة المواد التعليمية الدينية...الخ.

  6. لجنة الأوقاف: تعنى برسم السياسة العامة للأوقاف و إعداد مشاريع التنمية و الاستثمار العائدة لها، و إدارة و مراقبة الأوقاف و وضع الأنظمة المناسبة لذلك. كما تعنى بشؤون المزارات المقدسة و دور العبادة. و تعمل على جباية أموال الأوقاف و إنفاقها وفق الأصول القانونية، و السهر على حسن استثمار و صيانة الأصول العائدة للأوقاف.

  7. اللجنة الاجتماعية: تعنى بالإشراف على جميع الشؤون الاجتماعية بما فيها تقديم المساعدات الاجتماعية و المنح الدراسية، و تعنى بالعلاقات العامة، و جمع التبرعات و قبول الهبات العائدة للمجلس المذهبي أو الأوقاف الدرزية و ترعى شؤون الجمعيات التابعة للطائفة.

  8. اللجنة القانونية: بالإشراف على جميع الشؤون القانونية بما فيها إعداد الأنظمة الداخلية للمجلس و لجانه، و مراقبة قانونية الانتخابات المذكورة في القانون، وغيرها.

  9. لجنة شؤون الاغتراب: تعنى بالإشراف على جميع الشؤون الاغترابية.

ملاحظات

  • تنبع الإشكالية الأساسية في هذا التنظيم، سواء في مزيج الصلاحيات المنوحة و المسؤوليات الملقاة على عاتق كل لجنة، أو في علاقاتها مع بعضها البعض، من الإهمال المطلق لمبدأ فصل السلطات الذي يعتبر الركيزة الأساسية و البعد الحيوي للتنظيم المؤسسي الحديث. إذ أن مخالفة هذا المبدأ، شكلا أو مضمونا، يؤدي حتما إلى فشل المؤسسة في تحقيق أهدافها. فليس من الملائم قطعيا أن يكون المجلس، المشرف على التنفيذ و المنفذ في ذات الوقت، أ و الرقيب و المراقب في ذاته. فليس من بواعث الثقة مثلا، أن تكون لجنة الأوقاف بمثابة مجلس إدارة الأوقاف و في ذات الوقت جزأ من المجلس المذهبي المسئول عن مراقبتها و محاسبتها، كما أنه ليس من الكفاءة بشيء أن يكون أعضاء المحكمة المذهبية الاستئنافية العليا، و هي المرجعية القضائية لهذا القانون ومتفرعاته، جزأ من هيئة المجلس.

  • في ضوء الملاحظات أعلاه، و غيرها ذات الصلة،قد ينضر في تطوير القانون نحو النموذج التالي

  1. فصل كافة المهام الإدارية و التنفيذية من مهام اللجان المذكورة أعلاه و من ثم إعادة توزيعها حسب الفئات الثلاثة التالية: (1) شؤون الأوقاف، (2) الشؤون التربوية و الثقافية، و (3) الشؤون الاجتماعية

  2. تنشأ مؤسسة عامة ذو شخصية معنوية مستقلة لكل فئة من الفئات الثلاثة المشار إليها: مؤسسة عامة للأوقاف، و مؤسسة عامة للشؤون التربوية و الثقافية، و مؤسسة عامة للشؤون الاجتماعية

  3. يدير كل مؤسسة عامة مجلس إدارة يعينه المجلس المذهبي لفترة محددة، و يكون أعضاء مجلس الإدارة من أصحاب الدراية و الاختصاص من خارج المجلس المذهبي

  4. يقوم مجلس الإدارة باختيار مدير تنفيذي للمؤسسة،أيضا و بطبيعة الحال من خارج المجلس المذهبي، يتم تعيينه بعد موافقة المجلس المذهبي عليه. و يكون المدير التنفيذي العضو المنتدب لدى مجلس الإدارة

  5. تنشأ داخل كل مؤسسة وحدة إدارية للتدقيق و المراقبة، تحت الأشراف المباشر للمدير التنفيذي و مجلس الإدارة، تتمتع بقدر عال من الاستقلالية و الصلاحيات اللازمة لأداء مهامها.

  6. تنضم الشؤون الدينية في إدارة أو مصلحة ضمن المؤسسة العامة للشؤون التربوية و الثقافية

  7. كما تشمل كل مؤسسة وحدة للعلاقات الخارجية تعنى بالتواصل و التنسيق مع الجاليات و المراجع الدرزية في الخارج فبما يتعلق بمجالات عمل المؤسسة المعنية، ويمكن النظر في تأسيس فروع لها، إذا اقتضت الحاجة في بعض تلك البلدان

  8. يضع المجلس المذهبي الإستراتيجية العامة و الأهداف و معايير الأداء لتلك المؤسسات و يتابع و يراقب أعمالها و يقر موازناتها السنوية

  9. يعين المجلس المذهبي سنويا مدققا خارجيا لحسابات تلك المؤسسات و يتخذ الإجراءات اللازمة حيال تقاريره، كما يتم توفير هذه التقارير لمن أراد من أبناء الطائفة

  • انطلاقا من مبدأ فصل السلطات، يقترح أن يكون المجلس المذهبي مستقلا عن مشيخة العقل، و بالتالي أن يكون للمجلس رئيسا يتم انتخابه من بين أعضائه

ملاحظة عامة

لم يتطرق هذا القانون إلى آلية لتعديله، و بالتالي يفترض ضمنيا بقاء الآلية الراهنة و المتمثلة بإجماع نواب الطائفة على مشروع التعديل و رفعه للحكومة اللبنانية للاعتماد و من ثم إحالته إلى مجلس النواب للموافقة عليه و من ثم تصديقه من قبل رئيس الجمهورية. و من الواضح أن هذه الآلية تفتقر إلى الكفاءة و الواقعية بدليل التجربة التي خاضتها الطائفة للوصول هذا القانون العتيد، و الذي بودر إلى طرحه منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود مضت. و لولا الصدفة النادرة التي تمثلت بمجيء نواب من الطائفة ذو توجه سياسي موحد، لما كان الاتفاق على هذا القانون ممكنا. حيث أن التوافق، و إن كان أمرا مرغوبا نظريا، فان احتمالاته العملية متدنية جدا. لذا قامت الممارسات الديمقراطية العريقة على مبدأ توفر الأكثرية البسيطة (المطلقة) في الأمور العادية و الأكثرية العظمى في بعض الأمور التي، نظرا إلى أهميتها، تتطلب أكبر قدر من الإجماع. لذا فانه من الضروري تطوير الآلية الحالية لكي يتاح للطائفة مواكبة العصر في إدارة شؤونها و التعامل مع المستجدات بكفاءة و فعلية، بحيث لا تبقى شؤونها رهينة التباينات و التجاذبات السياسية. و في هذا الإطار نقترح أن يشمل هذا القانون آلية لتعديله بواسطة اقتراح بالتعديل من مجموعة من أعضائه، و بموافقة أكثرية ثلثي أعضاء المجلس. بعدها يتاح الطعن بالتعديل أمام المحكمة المذهبية الاستئنافية العليا. و من ثم يرفع كمشروع قانون للحكومة اللبنانية لتبنيه و استكمال الإجراءات الدستورية بشأنه.

Comments


bottom of page